mercredi 18 mars 2015

من يتحرش بالاخر: الأستاذ أم الطالبة؟ !

يقال أنه في الإمتحان يكرم المرء أو يهان، وعلى قدر الجهد والإجتهاد الذي يبذله الطالب يكلل بنقطة وعلامة يستحقها تؤهله في الأخير للنجاح، لكن اليوم الطالب أصبح لا يكلف نفسه عناء بذل جهد من أجل الحصول على النقطة التي أضحت همّ الجميع في الجامعة، وهنا يستيقظ الجانب الذكوري للأستاذ لإشباع غرائزه ونزواته ليجد في الطالبات اللواتي يهرولن وراء النقاط بأي ثمن لقمة سائغة، وقد تلجأ الطالبات إلى مسايرته عن طريق بناء علاقات غير شرعية تخل بأخلاقيات الحرم الجامعي.







أساتذة يساومون طالبات عبر عدة نقاط  
هي ظاهرة لطالما تستر عليها الكثيرين تسيء إلى الحرم الجامعي وتمارس تحت الطاولات، تتعرض فيها الطالبات إلى المساومة والمقايضة بالضغط عن طريق النقاط، عبر التهديد بالنقطة الإقصائية أو إعادة السنة مقابل إرضاء نزوات بعض الأساتذة، واتفق من سألناهم عن هذا الموضوع أن بعض الأساتذة يأحذون النقاط كورقة رابحة لعقاب طالب مشاغب أو كسول، ويجازون آخر مجتهدا، كما عبروا عن عدم ثقتهم حتى بعلامة الأساتذة، لأنهم لا يعرفون على أي أساس توضع هذه الأخيرة، بحكم عدم اطلاعهم على سلم التنقيط، وتأتي بين السطور ظاهرة استغلالهم للطالبات من أجل التحرش بهن، وفي هذا يقول أمين 21 عاما وهو طالب في كلية الإعلام والإتصال بجامعة الجزائر أنها تمارس في الخفاء ويتستر عليها الأستاذ والطالبة في نفس الوقت إما خوفا من تلطيخ سمعتها، لأنها الضحية الأولى في كل هذا أو التهديد بإعادة السنة أو حتى الطرد من الجامعة، بينما ذهب شفيق إيكوفان وهو أستاذ في الإعلام والاتصال بجامعة مولود معمري بتيزي وزو "هذه الظاهرة موجودة ليس في التعليم فقط، بل في جميع الميادين، فهي بمثابة استغلال للمنصب لأغراض شخصية، تتعلق بانحطاط المستوى الأخلاقي، خاصة عندما لا تكون هناك قوانين تجرم ذلك، بالإضافة إلى عدم تحرك الجامعة على مستوى المجالس التأديبية لردع مثل هذه التصرفات، كل هذا أدى إلى تفشي هذه الظاهرة، لأن القطاع الجامعي قطاع حساس، لذلك قد تنحرف الأمور عن مجراها، لذلك أفضل أن تكون علاقة الطالب بالأستاذ في أماكن محددة لا تتعدى علاقة الأستاذ بطالبه". أما سميرة 26 سنة والتي التقينا بها أمام جامعة الخروبة فتقول أنها شيء مخز على الأستاذ،لأنه عوض أن يبث كل معاني الإحترام ومبادئ القيم والأخلاق، نجده اليوم يضع نفسه في دائرة الشبهات. في حين ذهبت أمينة 22 سنة والمقبلة على التخرج هذه السنة إلى القول أن الذنب قد لا يكون ذنب الأستاذ وحده، لأنه قد يحدث الأمر بتواطؤ بينه وبين الطالبة، وفي ذلك استحضرت لنا قصة لإحدى صديقاتها لما كانت في السنة الأولى جامعي، حيث تقول أنها كان بينها وبين الإنتقال إلى السنة الثانية نقطتان فقط، فلم تصبر إلى حين إجراء الإمتحانات الإستدراكية، لذلك لجأت مباشرة إلى أستاذ لها في مكتبه لإضافة ما نقصها، لكن إجابته كانت صادمة لها، حيث قال لها أن هذه الأمور تناقش في صالات الشاي، ضاربا لها موعدا في أقرب الآجال كشرط لتسوية وضعيتها، فلم تتردد في قبول عرضه. 
إذا حتى وإن كان صحيحا أن بعض الأساتذة فيهم من لا يستحق منصبه ويستغله لأمور لا أخلاقية، إلا أنه لا نستطيع اعتبار هذه الظاهرة مسلمة تخص جميع الأساتذة، لأن فيهم من يحترم نفسه ويحافظ على رسالة العلم وإبلاغها بكل مصداقية، بالإضافة إلى أن بعض الطالبات يتعمدن تسول النقاط عند كل نهاية سداسي، وبأي طريقة كانت حتى الوصول إلى عرض أنفسهن لنيل مرادهن.
  ...والإغواء سبيل لنيل المراد
سواء كانت قصصا واقعية أو مضخمة، إلا أنه لو لم يجد الأستاذ إستجابة من طرف الطالبات، ولولا إصرارهن على تجاوز كل عقبة تواجههن في دراستهن مهما كان الثمن لذلك لما كان هذا أصلا، ووسيلتهن في ذلك استعمال ما أنعم عليهن الله من جمال ومفاتن وجسد رشيق لمحاولة إيقاع أساتذتهن في شباكهن.. وفي هذا الإطار تؤكد سارة 23 سنة وهي طالبة في جامعة باب الزوار والتي التقينا بها ونحن في طريقنا إلى رويسو أن بعض الطالبات لا تهدرن أي جهد في سبيل اقتناص النقطة التي قد تنقذهن من عار إعادة السنة حتى ولو كان ذلك على حساب شرفهن، في حين نجدهن من الأوليات اللواتي يمتنعن عن حضور المحاضرات، ومقابل ذلك يحجزن مقاعد وأماكن خاصة بهن للمحادثات التافهة أو المواعيد الغرامية، ضاربات عرض الحائط كل ما يتعلق بالعلم والمعرفة، حيث يرين في الطلبة النجباء المواضبين على قاعات المطالعة والمكتبات، انهم جديون زيادة عن اللزوم، لا يستمتعون بالحياة ومرحها.
في حين يشير ناصر 22 سنة وهو طالب بكلية الحقوق بجامعة بودواو ببومرداس إلى نقطة مهمة ألا وهي غياب سلطة عليا تمنع وجود هذه الظاهرة داخل أسوار الحرم الجامعي، فيقول أنه لا يوجد انضباط وقانون داخلي صارم يحرم مثلا التبرج واللباس المفضوح الذي يبرز مفاتن الطالبة لتفادي مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية التي لا تليق بمجتمع عربي مسلم. 
أما آخرون فذهبوا إلى إلصاق التهمة ببنات الإقامات الجامعية، لأنهن شوهن صورة الطالبة الجامعية على حد قولهم..  في هذا تقول أمال 30 سنة والتي التقينا بها امام محطة الترامواي في رويسو، حيث تقول أن الجامعة بالنسبة لهن فضاء واسع، يتنفسن فيه الصعداء، يخرجن من الظلمات إلى النور، من حياة التحفظ والسيطرة إلى حياة الحرية والإنفتاح، حيث يستغلونها ليمارسن طقوسا خاصة بهن داخل الإقامة الجامعية وخارجها، فمنهن من كن يختمرن ويلبسن الحجاب لكنهن يتخلين عنه في أول فرصة، وحتى تعاطي البعض منهن التدخين، إضافة إلى كل هذا إختلاطهن مع الرجال والخروج معهم دون شروط، فهن بذلك يمتهن كل شيء وليس لهن حدود، فما بالك بإغواء أستاذ من أجل الوصول إلى غايتهن.
و للغوص أكثر في الظاهرة، ارتأينا أن نحتك بأستاذ علم الإجتماع بجامعة بتيزي وزو موسى كاف، حيث قال "هذه الظاهرة متفشية بشكل خطير وسببها هو فساد المنظومة التربوية، فالمفروض أن يعاد مراجعة كل ما يتعلق بها وذلك بإعادة تقييمها وإصلاحها، فمن خلال فسادها ترتبت عنها ثقافة الغش الذي أصبح ضرورة حتمية يعتمد عليها الطالب للتكيف مع الجامعة، أما بالنسبة للأستاذ فتدخل أمور خارجية في عملية التنقيط والتقييم منها العلاقات، لذلك يلجأ الطالب إلى ربط علاقات مع أستاذه للتأثير عليه وكسب النقاط حتى ولو دخل في دائرة الشبهات"، ويضيف "اليوم نرى الطالبات وجدن بعض الحلول باستعمال طرق شرعية أو غير شرعية، وهدفهن جمع أكبر عدد من النقاط، وكثير من الأساتذة يتأثرون بهذه الأجواء، فزي الطالبات ولسانهن العذب يؤهلهن لكسب علامة في المستوى أو حتى تضخيمها".
أولياء يتخذون البزنسة في النقاط والنفوذ لإنقاذ أبنائهم
ولا يقف هوس النقطة في الجامعة والإنتقال إلى السنة الموالية عند هذا الحد، بل يتعداه إلى بروز حقيقة أخرى لا يجب حجب الشمس عنها وإغفالها، ألا وهي استعمال نفوذ الأولياء أو المحسوبية و حتى الرشوة التي أصبحت قاعدة حتمية في بعض الأوقات لكل من أراد منصبا أو مصلحة في كل الميادين وانتقلت حتى وصلت إلى الجامعة، لتجد أساتذة وإداريين متورطين في الخفاء،بشرط أن يكون أبوك أو أحد أقاربك "فلان" أو شخصية مرموقة، حيث تتم عملية البزنسة في النقاط على حسب كم تدفع، أو بمجرد "تيليفون" فقط من إحدى الشخصيات التي تقف لها وتضرب تحية إجلال خوفا منها.. إلى ذلك أكد سفيان 25 سنة الذي التقينا به ونحن في طريق عودتنا إلى حسين داي أن له صديقا يدرس بكلية العلوم السياسية والإعلام، أجرى إمتحان السداسي الأول والثاني وعندما رأى أن الدورة الإستدراكية لا مفر منها طلب مساعدة أحد أقربائه، وبفضل نفوذهم قاموا باستخراج شهادة طبية مزورة تثبت إصابته بكسر في كتفه لا يستطيع على إثرها إجراء الإمتحانات،وبعدها لجأوا إلى رشوة أحد الإداريين، فحلت القضية وانتقل إلى السنة الرابعة بعد ما كان تنقصه ست نقاط.
هم إذا طلاب اعتادوا على الإصطياد في الأماكن الضحلة بوجود نظام عفن تنجسه معاملات الرشوة والعلاقات المشبوهة، التي تتم من خلالها عملية تسوية وتضخيم النقاط بالنسبة للطلاب دون بذل أي جهد.  


هل أعجبك الموضوع ؟ شاركه مع أصدقائك .

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire