الانفتاح عن الآخر عن طريق التكنولوجيات الحديثة، شيء معقول، خاصة وأن العالم اليوم يعرف تطورا سريعا لوسائل الاتصال، لكن أن تصبح هذه الوسائل حياة يعيشها المستخدمون بكل تفاصيلها ويهملون الجانب الافتراضي، لينتهي بهم الأمر يعيشون حيوات أخرى مع أشخاص آخرين لا يمتون بصلة لواقعهم المعاش.
قد لا نتفق على رأي واحد حول غرض كل واحد فينا لولوج العالم الأزرق أو الفايس بوك... هناك من يصر على استخدامه لتغيير الأفكار مع الغير، أما البعض فيقصده للتواصل مع شخصيات معروفة وللتقرب منهم أكثر، بينما ينقسم البعض بين ناشط سريع لا يفتأ ينشر ماذا أكل في وجبة الغداء، وأين قضى عطلة نهاية الاسبوع، وماذا لبس في حفل تخرج صديقه، وأنه في مزاج معكر، ووو.. حتى أصبحنا من خلال متابعتنا اليومية نعرف أدق تفاصيل حياة أناس لا تمت لنا بهم أي صلة رحم، أو قرابة أو حتى زمالة، يكفي أن تنقر على زر تأكيد الصداقة حتى تجد نفسك تتواصل مع شخص لا تعرفه ولكنه يشركك قسرا في تفاصيل حياته اليومية وحتى الخاصة بنشر صور لعائلته، ولمناسباته الخاصة وحتى الحميمية. ومع تواصل النقر تواصل انت تصفح يومياته والتفرج على صوره وصور عائلته، ومع كل هذا التداخل الذي تفرضه الشبكات الاجتماعية، تتزايد تحذيرات الخبراء من سوء استخدام ما يتم نشره من معلومات خاصة. فهل تعد تلك الشبكات خطرا على الخصوصية وهروبا من الواقع، أم هي قناة للتواصل وفضاء للتعبير؟
أدق تفاصيل حياتنا اليومية أصبحت على شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا ما ألغى صفة الخصوصية وغيّب الحميمية. فكل نقرة يقوم بها المستخدم، تحيله إلى صفحات كثيرة تمكنه من الإطلاع على معلومات خاصة وصور حميمية، لأناس لا نعرفهم، لكن الفضول لمعرفة أكثر يدفعك لمواصلة النقر والولوج.
فضاء للدردشة وتبادل الصور
تقضي، سمية وحنان وناريمان.. نحو أكثر من ساعتين في الدردشة مع أصدقائهم عبر الفايسبوك، وهن يتفقن أنهن يجدنها عملية، لأنها تمكنهن من الرد والتعقيب على ما يتحصلن عليه من رسائل، أو على الصور المختلفة دون الارتباط بوقت معين، ودون أن يتطلب ذلك تواجد الطرف الآخر في الوقت نفسه، بل ويذهبن إلى أبعد من ذلك، لأنهن يعتبرن أن الفيسبوك يجعلهن يتواصلن مع أكبر عدد ممكن من الأصدقاء في وقت قليل، إذ لا يتطلب منهن الأمر سوى ساعة وأكثر موزعة على مدار اليوم، ليعرفن أخبار الأصدقاء في كل مكان، كما أنهن يجدن فيه وسيلة عملية وسريعة لتبادل الصور، ومشاركتهن ومن ثم التعليق عليها.
فضاء لتبادل الآراء والأفكار
في حين يعتبر آخرون الفيسبوك نافذة للتواصل مع الآخرين ومعرفة ما يفكرون به وما يتبنونه من آراء، إذ يقول "محمد" طالب جامعي: تلك الشبكات هي فضاء للتعاطي الفكري والثقافي والاجتماعي. أنا أتجول بين صفحات الكثير من الشخصيات السياسية والثقافية وغيرها من هذا المبدأ. وهي نفس الفكرة التي من خلال الفيسبوك يتفاعل معها "محمد" ويشارك في عدد من المجموعات التي تتبنى قضايا مختلفة، وعلى رأسها القضايا الإنسانية مثل مجموعات "ناس الخير". وعلى نفس الخطى يعتمد الكاتب "ج.م" على الفايسبوك للترويج لأعماله الأدبية، ولقاءاته الإعلامية وللتفاعل معهم ومع الكتاب الآخرين.
فكر قبل أن تنشر
أن معظم الشبكات لديها ثغرات فيما يتعلق بحماية الخصوصية، وهو ما يؤكده الكثير من المهتمين بمساوئ استخدام الشبكات الاجتماعية، موضحين أن: حقوق الملكية الفكرية الخاصة بكل محتويات تلك الشبكات مما ينشره المستخدمون من نصوص وصور، تخص تلك الشبكات: أي أنها تملك الحق أن تفعل ما تشاء بتلك المعلومات، وهو الأمر الذي يعتبر تعديا صريحا على الحقوق الشخصية. وهناك من يحرص على مراجعة ما ينشره من صور وأفكار وآراء على غرار "لمياء" التي ترفض أن تنشر صورة شخصية لها أو لأحد أفراد أسرتها على الفايسبوك، معللة ذلك بعدم توفر مثل هذه الشبكات على إعدادات خاصة لحماية الخصوصية، مواصلة: أذكر أنه تم اختراق حسابي مرتين ومنذ ذلك الحين لا أثق في مثل هذه الشبكات.
|
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire