قد تغفر الزوجة لشريكها بعض أخطائه وتتغاضى عنها لكي تتجنب سفينتهما الغرق عند أول رياح عاتية تهزها وأول مشكلة تواجههما، إلا أن موضوع الخيانة يشكل خطا أحمر عند معظم الأزواج وهو ما لا يتسامحان فيه ولا يغفرانه .
وإن كانت المرأة في معظم الأحيان مجبرة على تقبلها والتعايش معها، خاصة إذا كان الزوج معتادا على "الخيانة الإلكترونية"، وتجري في شريانه فالأحرى بها أن تبحث عن دوافعه لذلك، حيث تقول السيدة "هند"، 28 سنة، متزوجة وأم لطفلين: "أعتبر جهاز الكومبيوتر ضرة لي فزوجي يقضي ساعات طويلة خلف الشاشة مدعيا أنه متفرغ للعمل، وكان في مرات عديدة يقوم بإقفال الغرفة بحجة احتياجه إلى الصمت إلى أن اكتشفت صدفة أنه يتردد على إحدى غرف الدردشة ويتحدث مع الفتيات عن طريق الكاميرا.. وهو ما هو لم أتمكن من تقبله، فوجود شريكة حتى وإن كانت افتراضية إلا أنها جعلته دائم الانشغال بها.
وبعد مواجهته بالحقيقة اعترف بفعلته مؤكدا لي أن الأمر لا يتعدى حدود الدردشة العادية بين الصديقين لا أكثر". تصمت قليلا ثم تواصل: "لقد وعدني بالتوقف عن هذه العادة والاهتمام بأولاده إلا أنه في كل مرة يخلف وعده وأنا مجبرة على احتماله لكي لا أكون السبب في تيتيم أبنائي وحرمانهم من والدهم". وعلى غرار محدثتنا السابقة والتي رأت أن الصمت أفضل بالنسبة إليها حفاظا على عش الزوجية، فالسيدة "سميرة"، 33 سنة، موظفة في بنك، ترى أن الخيانة الإلكترونية مثل غيرها من الخيانات في صورة وقالب جديدين، فالزوج وعن طريق الكاميرات وغرف الدردشة "الشات" و"الفايسبوك" أصبح بإمكانه عيش حياة زوجية ثانية. وتعود إلى حكايتها قائلة: "اكتشفت قبل سنتين خيانة زوجي ووالد ابني الوحيد، لقد تعرف على فتاة على "الفايسبوك"، وبعدها أصبحا يتحدثان عن طريق الكاميرا طوال الوقت، خاصة أثناء غيابي، فلاحظت أن ابني أصبح يقابل جهاز الكومبيوتر ويعيد كلام والده وهو ما استغربته، خاصة وأن الكلام الذي كان يردده يفوق سنه عدة مرات، وعندما استجوبته أقرّ بأنه تعلمه من أبيه، ليجن جنوني، خاصة بعد أن علمت أن زوجي لم يكتف بالحديث إلى عشيقته على شاشة الكومبيوتر بل أصبح يكلمها عبر الهاتف ويقابلها باستمرار".
واعترفت بـ"أنها تفهمه أكثر مني فأنا دائمة الانشغال بعملي ولا أصغي إلى أحاديثه أو أشاطره اهتماماته كما تفعل هي". وإن كانت هذه حال السيدات فهناك أخريات وجدن سبيلا آخر للانتقام غير المبرر، واتخذن من "الخيانة الإلكترونية" ذريعة ومبررا لغرقهن في بحر الخطيئة الآسن. تتحدث إحدى السيدات والتي رفضت الإفصاح عن اسمها: "لقد حاولت كثيرا إصلاح علاقتي الزوجية وجذب زوجي إليَّ بتغيير مظهري بين الفينة والأخرى، إلا أنه دائم الانشغال بتجارته وأمواله وهو ما دفعني إلى التجسس على حساباته الإلكترونية فوجدت رسائل حب وغرام فقررت الانتقام منه على طريقتي الخاصة. صحيح أن الأمر صعب لكنني حاولت أن أذيقه من نفس كأسه، فتعرفت على أحد الشباب على موقع التواصل الاجتماعي وبدأت أتحدث إليه ليتطور الأمر ويصبح هوسا فأخاطبه في المنزل وفي العمل وحتى أثناء قيادتي للسيارة"، مستطردة: "بالفعل أحيانا أشعر بنوع من تأنيب الضمير تجاه زوجي لكن الثاني يسمعني كلاما معسولا يشعرني بكياني وبوجودي كامرأة".
"الخيانة الإلكترونية" مسؤولية الزوجين
وفي هذا الصدد، أوضحت الإخصائية النفسانية "وردة بوقاسي": أن بعض الرجال المتزوجين يلجؤون إلى مواقع متعددة منها "الشات". وهذا غير مقتصر على الرجال بل حتى النساء. وهو واقع يعرفه المجتمع الجزائري، ما يؤدي في أغلب الأحيان إلي الخيانة الزوجية لسد ثغراته في العلاقة الزوجية وهنا يكون البحث عن طرف ثالث. والأسباب متنوعة فكل حالة لديها أسبابها لكن هنالك أسباباً رائجة وتقترب في الاشتراك فيما بينها ومنها: أسس اختيار الزوجة أو الزواج من أجل الزواج فقط، وهذا ما يحدث في مجتمعنا بعد الزواج يكون الملل و"النات" يقدم له بكل سهولة عبر غرف "الشات" ما يتناسب مع رغباته الشخصية، المشاركة في الاهتمامات والهويات، التفاهم وغيرها من الأمور التي يجب أن تحدد قبل الزواج؛ ففي العالم الافتراضي الزوج يبحث عن الجوانب الروحية.
وتواصل الإخصائية "بوقاسي" أن الحاجات المفقودة داخل العلاقة الزوجية من بينها الحب، الاحترام، الشعور بالذات وتقديرها، في حال غيابها يبحث الرجل عنها خارج العلاقة الزوجية.
كما تدفع كثرة الضغوط والمشاجرات اليومية إلى استعمال "الشات" كمجال للتنفيس الانفعالي من القلق والحاجة النفسية إلى من يتفهمه والتغيير. فالمرأة المصابة بالغيرة المرضية والمتسلطة يبحث زوجها عن مساحة للحرية، فبقدر تسلط المرأة ومراقبتها الشديدة لكل صغيرة وكبيرة يبحث الرجل عن مساحة للحرية وهذا ما يقدمه "الشات" والمواقع الإلكترونية. وتختم المختصة تصريحاتها بأن هناك العديد من حالات الطلاق كانت الخيانة الإلكترونية سبباً فيها.